الأربعاء، 20 أغسطس 2014

الطيور في المثل والمفهوم الشعبي (طير عْشَا.. طيرة الحُمّرَة)

٥- طير عْشَا.. طيرة الحُمّرَة

بقلم وعدسة: محمد اليوسفي
 
في المثل الشعبي يقال "فلان طير عْشَا". وكلمة (العْشَا) عامية تحتمل تفسيرين فإما أصلها من العَشِيَّة (الفصيحة) التي تعني آخر النهار، لكن في العامية نقصد بالعشا أول الليل. أما التفسير الثاني فقد تكون العَشَا أو العَشَى (وكلاهما فصيحتان) والمعنى سوء البصر بالليل والنهار. و(طير العشا) اسم دارج في نَجْد يطلق على الخفاش (الوطواط الذي تشاهده في الإطار الداخلي للصورة)، ويظن العوام أنه طائر ضعيف البصر بينما هو "حيوان ثديي ليلي المعيشة"، وهو الوحيد من بين الثدييات الذي يستطيع الطيران بواسطة أغشية جلدية أشبه بالجناحين عند الطيور ويساعده -رغم أنه يبصر جيدا- على معرفة طريقة في الظلام الدامس استخدامه لخاصية فريدة تتمثل في (ارتداد الموجات الصوتية)؛ حيث يطلق أصوات ليس بمقدور الإنسان سماعها، فإذا اصطدم الصوت بهدف، حتى لو كان متناه الصغر، ارتد إليه الصدى فيحدد الهدف بدقة خلال جزء من الثانية الواحدة فيهجم عليه أو يتحاشاه، ولك ان تتصور كيف يلتقط بفمه -خلال طيرانه- بعوضة صغيرة تطير في ظلام دامس بهذه الطريقة. وبالمناسبة توصّل الإنسان إلى اختراع الرادار بدراسة هذا السلوك لأن فكرة الرادار تقوم على معرفة الهدف من ارتداد الموجات (أيّا كانت). وعلى أي حال فهذا الحيوان ليلي المعيشة يختبئ في النهار داخل الأماكن المهجورة ولا يخرج إلا مع الغروب، وغالبا لا يُشاهد في الظلام ولا يشعر به البشر لولا أنه يصدر أصوات ضعيفة لا يسمعها الإنسان إلا إذا كان قريبا منه. وهو مكروه ومُستقذَر يعتمد على أكل الحشرات، وينفر منه الناس بزعم أنه مصاص للدماء بينما الحقيقة العلمية ليست كذلك على إطلاقها. وعموما إذا ضرب المثل وقيل (فلان طير عشا) فالمعنى ينصرف إلى الاحتقار والخسّة. قال الشاعر الساخر حميدان الشويعر في الهجاء:

يا شويخ نشا مع طيور العشا
ضاري بالحساسات والقرقره
فارس بالقهاوي وانا خابره
بالخلا تاخذه طيرة الحمّره

والحُمَّرة طائر صحراوي من فصيلة القُبّرات أصغر في الحجم من العصفور (يسار الصورة)، وهو ضعيف لا يقاوم أدنى اعتداء على عشه وأفراخه. والشويعر يمعن في السخرية، فمن ذا الذي يفزع من فرار (طيرة الحمّرة) إلا اذا كان غاية في الضعف والجبن.

يتبع
٦- عصفور ذرة.. طير ذرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق